لأنها قبلة مسلمي العالم، فقد فُرضت للمملكة العربية السعودية الشقيقة مكانةٌ في قلوب وعقول ووجدان المسلمين.
ما كان له أكبر الأثر في وضعها ليس فقط كرمز ديني، بل كعمق سياسي لدى الشعوب العربية والعالم الإسلامي.
قوة المملكة في المنطقة لها أسباب عديدة تجعلها دولة محورية تشكل القلب الاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، أبزر هذه الأسباب، بعيدا عن المكانة الدينية، هو القوة الاقتصادية عبر أكبر احتياطي نفطي، بالإضافة إلى كونها واحدة من أكبر مخزونات الذهب عالميا، ولديها أحد أكبر الصناديق السيادية، كما أن بها تركيبة ديموغرافية تتمثل في شباب دون الثلاثين يشكلون 70٪ من سكانها، أي أن الجيل الجديد بالمملكة من الشباب هو صاحب المصلحة الكبرى في البلاد.
إن إدراك مفاتيح اللعبة يوضح أن القوة الاقتصادية والسياسية هما توأمٌ سيامي لا يمكن فصلهما، لذا فإنّ موقع المملكة الجغرافيّ، والذي يتوسط دول الخليج، والمُطل على البحر الأحمر، والمسيطر على العديد من المنافذ البحرية الهامة، جعل منها قوة سياسية كبيرة في المنطقة.
وعلى مدار سنوات مضت، نجحت وساطة المملكة العربية السعودية في إنهاء مشكلات وخلافات عدة، نشبت بين دول عربية، فضلا عن تحمّلها احتواء بعض أزمات المنطقة، على رأسها الأزمة السورية والانقلاب الحوثي في اليمن، والذي دعا المملكة لتحالف قوي لمواجهة إرهابه في هذا البلد المنكوب.
وتمتلك السعودية علاقت خارجية مهمة مع أكبر دول العالم، أمريكا، والتي امتدت صلاتهما إلى أكثر من 88 عاما، فكانت السعودية شريكًا قويًّا لأمريكا عقب الحرب العالمية الثانية، فضلا عن اتفاقاتها النفطية، التي أدت لاستقرار سوق البترول العالمي منذ أربعينيات القرن الماضي، ما جنّب دولا كثيرة هزاتٍ اقتصادية كان من الممكن أن تعصف بها.
يحمل تاريخ السعودية علاماتٍ مضيئةً على درب الوحدة الإسلامية، إذ دعت المملكة عام 1926م لتنظيم قمة في مدينة مكة المكرمة لتحقيق وحدة الدول الإسلامية، وقد خرجت تلك القمة بقرارات تمهد لوحدة إسلامية، ونتيجة هذا الدور ظهر أول ميثاق إسلامي عام 1375 هجريًا، والذي ترك آثارًا إيجابية على العلاقات بين الدول الإسلامية، وزاد من دواعي التضامن والوحدة بين الشعوب والمنظمات الإسلامية، واستمرت المملكة في دعم التضامن الإسلامي سياسيًا وماليًا عبر لعب دور مهم في تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي (التعاون الإسلامي حاليًا)، وقيام أول مؤسسة عالمية إسلامية شعبية عام 1382 هجريًا.
وتبقى مواقف المملكة منارة تتحدث عن دعمها لبلاد عربية شقيقة طالتها كوارث، حيث قدمت وما زالت تقدم كافة أشكال الدعم للمنظمات والجمعيات والمراكز الثقافية والمعاهد وهيئات الإغاثة والوكالات الإنسانية المتخصصة في مساعدة المسلمين، الذين تعرضوا للأزمات، وحرصت المملكة على دعم منظمة التعاون الإسلامي لتمكينها من أداء دورها بصورة فعالة تجاه القضايا العربية والإسلامية.