شق الصف العربي بأجندة إيرانية محاولة مكشوفة

تعدي النظام اللبناني المتكرر على دول الخليج جرس إنذار يهدد وحدة الصف العربي.

فمحاولة شق الصف العربي، والخليجي تحديدا، تسعى له إيران بكل ما أوتيت من مليشيات جنّدتها في بعض الدول العربية، لكن هذا لن يجدي نفعا، فالرأي العام الخليجي والعربي حيال لبنان يتوافق كثيرا مع المزاج الدولي، الذي أظهرته العواصم الكبرى وفرضته المؤسسات المالية في التعامل مع حال هذا البلد المأزوم بالتدخلات الإيرانية.

دول الخليج العربي تتعامل مع لبنان، رغم مكانته في الوجدان الخليجي، على أساس المصالح والاحترام المتبادل، ولن تستمر في تعاطيها مع الأزمة في لبنان وفق نمط المعادلات الخاسرة، التي تفاقمت بالداخل اللبناني خلال السنوات الأخيرة.

الموقف الخليجي من لبنان يستند على قاعدتين: الأولى لها علاقة مباشرة بموقع إيران المقبل في المنطقة وما ستغيره مقاربة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مع الملف الإيراني، وبالتالي ما سيعنيه ذلك من تداعيات على نفوذ إيران وحزبها في لبنان.

والقاعدة الثانية لها علاقة بموقف أهل الحكم في لبنان وجدية انتهاجهم خيارات الإصلاح والعزم الصريح والمعلن لجعل البلد سيدًا مستقلًا‎ عن المزاج الحاكم في إيران عبر ذراع “حزب الله”.

وحدة موقف دول مجلس التعاون الخليجي ضد تصريحات وزير الإعلام اللبناني، تؤكد أن الرغبة الإيرانية بشق الصف الخليجي العربي محاولة مكشوفة ومكتوب لها الفشل، فيما عبرت دول الخليج العربي عن خيبة أملها من تاريخ طويل من الدعم السياسي والاقتصادي لإعمار لبنان، فيما بدا تعامل أهل الحكم هناك مع هذا الدعم على أنه مُعطى بَدَهي.. وظهر تفكير وموقف الحكومة اللبنانية بوضوح في بيان “حزب الله” الإرهابي، المدعوم من إيران، المؤيد لتصريحات الوزير اللبناني، والتي تجافي الواقع والمنطق والحقائق على الأرض اليمنية.

لقد بات لبنان منبراً دقيقا وصادقا يعبر عن نوايا إيران العدائية.. وبالطبع يتحمل “حزب الله” مسؤولية الشقاق الدبلوماسي بين لبنان ودول الخليج العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، لكن المواقف الخليجية كلها توحدت كالمعتاد في كل أزمة، وهذه المرة أمام عجز الحكومة اللبنانية عن التصرف من منطلق السيادة والاستقلال، حيث أعلنت السلطات الإماراتية سحب دبلوماسييها من بيروت، كما أصدرت قرارا بمنع مواطنيها من السفر إلى لبنان، فيما استنكرت الخارجية الإماراتية تصريحات الوزير اللبناني حول الوضع اليمني، واستدعت سفير لبنان لدى الإمارات وأبلغته احتجاجها واستنكارها لهذه التصريحات.

كذلك فعلت الكويت والبحرين، بل إن الموقف الخليجي يجد تأييدا داخل لبنان نفسه، فقد أصدر تيار “المستقبل” بيانا شديد اللهجة، انتقد فيه “تطاول حزب الله على الأشقاء العرب وتعريضه مصالح لبنان للخطر”، في حين حمّل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، سعد الحريري، “حزب الله” المسؤولية عن التوتر الحاد، الذي نشب بين لبنان والسعودية، متهما إياه بـ”إشهار العداء للعرب ودول الخليج العربي”، موضحا في بيان له أن وصول العلاقات بين لبنان وبين المملكة العربية السعودية وسائر دول الخليج العربي إلى هذا الدرْك من انعدام المسؤولية والاستقواء بالأفكار المنتفخة، “يعني بالتأكيد أننا بتنا كلبنانيين نعيش فعلا في جحيم”.

إن إيران حاولت -عبر تأجيج هذا الخلاف- شق الصف العربي، ما تطلب أولا وحدة الموقف الخليجي والعربي ضد التدخلات الإيرانية في دول عربية، وهذا ما حدث بالفعل وبأسرع ما تتوقع طهران، وفي انتظارا خطوة تالية من المجتمع الدولي بموقف أكثر صرامة مع إيران وتجاوزاتها في المنطقة.