التحول الرقمي في الإمارات.. من أجل خدمة فائقة

مع التطور السريع في عالم التقنية واتجاه الحكومات والمؤسسات نحو رقمنة الخدمات، حرصت حكومة الإمارات على تبني مفهوم التحول الرقمي الحكومي.

ويتم هذا باستبدال العمليات الرقمية بالتقليدية، ووضع خطط واستراتيجيات خمسية لضمان تحقيق أهدافها بجودة وكفاءة، حيث تهدف للوصول إلى حكومة رقمية متكاملة تيسر الخدمات كافة للمستفيدين.

والمستوى الراقي، الذي وصلت إليه الإمارات في مجال التحول الرقمي، أمر جعل الخدمات يمكن أن تنفذ عبر الهاتف المحمول، ما يعني أننا إزاء نموذج مختلف وجديد تمامًا، كما أن هذا التحول وتلك الرقمية لو لم تكن ضرورة فإنها مفيدة، لما تنطوي عليه من مزايا.

وقبل الحديث عن فوائد وأهمية التحول الرقمي أذكركم بمعنى هذه الكلمة، “التحول الرقمي”.. إنه دمج التكنولوجيا الرقمية في جميع مجالات العمل، مما يغير بشكل أساسي كيفية عمل القطاعات الحكومية والشركات وكيفية تقديم القيمة والخدمة لطالبيها.

وقد بدأت الإمارات تطبيق منظومة التحول الرقمي منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي مع إنشاء الهيئة العامة للمعلومات لتكون مسؤولة عن أتمتة العمليات الحكومية وإدخال الحاسوب في العمل الحكومي على مستوى الحكومة الاتحادية، حيث نجحت في هذا المسار التكنولوجي الحديث في مجالات عدة، أبرزها التوجهات نحو الحكومة اللا ورقية، وتقديم الخدمات عبر المنصات الرقمية، والربط والتكامل بين الجهات الحكومية ضمن الشبكة الإلكترونية الاتحادية /FedNet/، والهوية الرقمية، والرابط الحكومي، والاستراتيجيات الطموحة التي أقرتها الحكومة لدخول عصر الثورة الصناعية الرابعة والتقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة.

وقد احتلت دولة الإمارات المركز الرابع عالمياً في مجال الأمن السيبراني، والمركز الأول عربياً في البنية التحتية الخاصة بالذكاء الاصطناعي، والوصول إلى تكنولوجيا المعلومات، وحصدت المركز الأول عالمياً في اشتراكات إنترنت النطاق العريض المتنقل، وتغطية شبكات الهاتف النقال وفقاً لعدد السكان، واشتراكات النطاق العريض المتحرك ومؤشر النطاق العريض اللا سلكي، وفي المجالين الاقتصادي والأمني حققت الإمارات إنجازات في غاية الأهمية، منها تطوير خدمة “باشر أعمالك في 15 دقيقة”، و”مركز الشرطة في هاتفك”، ومشروع “حصنتك”.

جهود الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية مستمرة في العمل بروح فريق واحد من التناغم والتآلف لخدمة الأهداف العليا للإمارات من خلال تحويل أنظمتها وخدماتها وعملياتها إلى الرقمنة الشاملة والمتكاملة، حيث إن التحول الرقمي يوفر كثيرًا من الجهد والمال، كما أن له مميزات كبيرة في تحسين كفاءة العمل والتشغيل، ويساعد على تحسين الجودة وتبسيط الإجراءات لحصول المستفيدين على الخدمات، ويتجاوز مفهوم التحول الرقمي استخدام التطبيقات التكنولوجية ليصبح منهجا وأسلوب عمل يجمع المؤسسات الحكومية لييسر تقديم الخدمات أسهل وأسرع.

التحول الرقمي يمنح فرصا أكثر للحكومة والقطاع الخاص للتوسع والانتشار بشكل كبير بين المواطنين الراغبين في الحصول على الخدمات، عن طريق حلول مبتكرة وبسيطة بعيدا عن الروتين.

فلم يعد التحول الرقمي رفاهية في الوقت الحالي، خاصة بالنسبة للمؤسسات والهيئات التي تتعامل مباشرة مع الجمهور، والتي تسعى إلى التطوير وتحسين خدماتها وتسهيل وصولها إلى المواطنين، عبر “تحسين الكفاءة”، فإذا كانت نظم العمل التقليدية والروتينية تعطل مسيرة العمل وتسبب الكثير من الاختناقات والعراقيل، فإن التحول الرقمي يزيل هذه الاختناقات باستبدال العمليات القديمة بدفع تدفقات العمل المؤتمتة، بذلك تضمن تقليل عرقلة العمل، فالأمر يسير بشكل سلس ومرقمن.

إذًا يمكن تحقيق كفاءة أكبر من خلال التقنيات الرقمية المختلفة، مثل عناصر التحكم المستندة إلى التطبيق والتحليلات والحوسبة المتطورة والآلات الذكية، وبالجملة، فإن الأتمتة ورقمنة الأعمال سيكون لها أثر كبير في جودة العمل وطرق أدائه.

وفيما تهتم حكومة الإمارات بمنظومة التعليم، لأنها التي تضمن مستقبل الوطن من خلال إخراج جيل متعلم ومثقف وواع، فإن التحول الرقمي في هذا القطاع الهام سيكون له فوائد عظيمة، أبرزها أن سيصبح الطالب أحد العوامل المؤثرة في نظام التعليم، فهو في النظام القديم يعتبر العامل المتأثر وليس العامل المؤثر، وهنا سيتم ضم جميع عناصر التعلم عبر الإنترنت أو دون الاتصال بالإنترنت، من أجل الاستفادة منه، ليس فقط لتعلم العلوم والتاريخ والفن، ولكن أيضًا لتراكم الكثير من الخبرة، ووفقًا للتحول الرقمي لن يكون المعلم مصدر المعرفة، ولكن الوظيفة الرئيسية له ستكون توجيه الطلاب للعثور على مصدر المعرفة الحالي ومحاولة البحث واكتشاف المحتوى، وسيؤدي ذلك إلى تسريع تعلم الطلاب وتوسيع المفاهيم الحالية، وسيتمكنون من تحقيق درجاتهم الخاصة في الاختبار وقياس مستواهم.

الواقع يقول لنا إن الحكومة الإماراتية نجحت في تنمية بنيتها التحتية التكنولوجية، حيث باتت من أكثر الدول التي أحدثت تحولاً رقمياً كبيراً، ما أسهم بقوة في مواجهة جائحة كورونا، وما تبعها من أزمات اقتصادية، حيث إن التحول الرقمي والبنى التحتية التي تم تأسيسها في دولة الإمارات وتدعيمها بالتكنولوجيا وأنظمة الذكاء الاصطناعي والأنظمة المتطورة جداً ساعد على مواجهة فيروس كورونا، وكذلك في القطاعات كافة، من بينها الاقتصادية، لذا فقد صار التحول الرقمي في الإمارات النقطة المضيئة في مجال الخدمات الجماهيرية.